BAC2008 سير عملية التصحيح
2009-11-12, 16:41
ظلت مراكز تصحيح أوراق البكالوريا من المحظورات على كل الناس إلى غاية السنة الماضية ، ممنوع الدخول إليها، ولا سيما الصحافة الوطنية، وأولياء التلاميذ أو أقاربهم أو التلاميذ أنفسهم ... ولولا تعليمة وزير التربية الوطنية التي أمر فيها رؤساء مراكز التصحيح بفتح أبواب المراكز أمام الصحافة الوطنية ما كان لندخل مركز "حسيبة بن بوعلي أبدا.
وقع اختيارنا على مركز حسيبة بن بوعلي بوصفه من أكبر مراكز التصحيح، ولكونه قريب من مقر جريدة "الشروق اليومي" بالقبة، كانت الساعة التاسعة عندما وصلنا إلى المركز، وفور تقدمنا من المركز الذي كان محاطا بمتاريس حديدية أمنية قامت مصالح الأمن بنصبها، ومنعت كل السيارات من التوقف أمام المركز، وجدنا ثلاثة عناصر من الشرطة عند المدخل، كشفنا عن هويتنا، فقادنا أحدهم إلى العون المكلف بالمراقبة، وفي طريقنا إلى عون المراقبة، قال لنا الشرطي "لا أظن بأنهم سيسمحون لكم بالدخول"، قالها وهو شبه متأكد بأنهم لن يسمحوا لنا بالدخول، لأنه لم يسمع بتعليمة وزير التربية الوطنية، وصلنا إلى مركز المراقبة فقام هذا الأخير بإبلاغ رئيس المركز السيد "خيشان بوبكر"، الذي أمر فورا بإدخالنا، حرص على استقبالنا في مكتبه أحسن استقبال، وقدم لنا كل المساعدة.
الأساتذة المتأخرون يطردون من مراكز التصحيح
ونحن مع رئيس المركز وصلت مراسلة من رئيس الخلية المركزية الموجودة بالديوان الوطني للإمتحانات والمسابقات عبارة عن فاكس يتضمن الإجابات النموذجية لمادة الرياضيات موجه لرئيس المركز، فأمر السيد خيشان بتوزيعه على الأساتذة المصححين لكي يبدو آراءهم في الإجابة النموذجية، رئيس المركز فاكس آخر للخلية المركزية يتضمن أراء الأساتذة المصححين في الإجابة النموذجية. وعلمنا فيما بعد أنه لا يسمح بالدخول إلا للصحافة والأساتذة المصححين الذين يظهر إسمهم في القائمة الرسمية للأساتذة المصححين المرسلة للمركز من طرف الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، و حتى الأساتذة المصححين لا يدخلون إلا بعد إظهار الإستدعاءات المرسلة لهم والوثائق الثبوتية، والشارات التي تسلم لهم من طرف مركز التصحيح، ويقدر عدد الأساتذة المصححين للبكالوريا بمركز حسيبة بن بوعلي بـ 495 مصحح. أي مصحح يتأخر عن موعد انطلاق عملية التصحيح صباحا لا يسمح له بالدخول، وكذلك الأمر بالنسبة للكتاب ويمنع على أي أستاذ الخروج من المركز من الساعة والنصف صباحا إلى الثانية بعد الزوال إلا بترخيص من مرئي المركز، ولا يمنح له الترخيص إلا في ظروف قاهرة، وكذلك الأمر بالنسبة لأعضاء الأمانة العامة، وعمال المركز، ويمنع على الأساتذة التنقل بين القاعات، كما أن كل السيارات التي تقصد المركز يتم تفتيشها، والتأكد من هوية الأشخاص الذين يدخلون المركز باستظهار الأمر بالمهمة والشارة ووثائق الهوية زائد الإستدعاء في اليوم الأول من التصحيح، وأي شخص ليس لديه هذه الوثائق يمنع من الدخول، كما يمنع على رئيس المركز وفريقه الخروج من مركز الإمتحان من 7 جوان إلى 7 جويلية المقبل أي بعد ظهور النتائج، فقط أعضاء الأمانة العامة يسمح لهم بالخروج، ودورهم محدود في معالجة أوراق المترشحين. بمجرد أن يسلم التلاميذ أوراق الإجابات تقوم أمانة مركز الإجراء بجمع كل إجابات المترشحين للبكالوريا في مراكز الإجراء، تضعها في أظرفة مشمعة ومختومة، ثم داخل علب ممسكة وتنقل إلى المديرية الولائية للتربية تحت حراسة الأمن الوطني الدرك الوطني وممثلي الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات في سيارة تابعة لمركز الإجراء. المديرية الولائية للتربية بدورها تقوم بإرسال هذه العلب الممسكة في سيارة تابعة لها وتحت حراسة ثلاثية تتشكل من الأمن الوطني والدرك الوطني وممثلي الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، إلى المديرية الولاية التابعة للولاية التي تصحح فيها إجابات المترشحين، وإذا كانت الولاية بعيدة مثلما هو الأمر بالنسبة للولايات الصحراوية كإليزي تنقل إجابات المترشحين عن طرق الطائرة العسكرية وتحت الحراسة الثلاثية كذلك، مثلما هو الشأن بالنسبة للأوراق إليزي وتيزي وزو والمدرسة الدولية بباريس التي تنقل كلها للمديرية التربية بالجزائر العاصمة لأنها تصحح بالجزائر العاصمة ليقوم وفد عن مديرية التربية بالعاصمة مرفوقا بالأمن والدرك بنقلها بنفس الطريقة إلى مراكز التصحيح بالجزائر العاصمة.
ورقة الامتحان تصحح بلا هوية الممتحن
في هذه المرحلة كانت مراكز التصحيح كلها جاهزة لاستقبال أوراق المترشحين، ويوجد على رأس كل مركز رئيس المركز ونائب رئيس المركز وهو مفتش يعينه الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، ونائب ثاني لرئيس المركز وهو مدير المؤسسة التربية التي تتم فيها عملية التصحيح، إضافة إلى مهندس إعلان آلي يتكفل بصب العلامات في جهاز الإعلام الآلي و الأمانة الرئيسية، في 9 جوان يشرع في استقبال أوراق المترشحين بالمركز، غير أن هذه السنة الأوراق وصلت يوم 10 جوان إلى مركز التصحيح بثانوية حسيبة بن بوعلي الكائن بـ "بن عمر" بالجزائر العاصمة والذي أخذناه كعينة لإعداد هذا الروبورتاج لأن الأوراق هذه السنة جيء بها من ولاية إليزي في طائرة عسكرية تحت الحراسة الثلاثية للأمن والدرك وممثلي الديوان،ولم تصل إلى مديرية التربية بالعاصمة إلا يوم 10 جوان وفي نفس اليوم نقلت تحت الحراسة الثلاثية إلى مراكز التصحيح بالجزائر العاصمة. في مركز حسيبة بن بوعلي الذي قصدناه لإعداد هذا الروبورتاج حول المراحل التي تمر بها ورقة المترشح للبكالوريا أثناء عملية التصحيح يضم 27 قاعة تصحيح، موزعة حسب المواد، وصلت أوراق المترشحين إليه على غرار كل المراكز على المستوى الوطني في أظرفة مختومة داخل علب ممسكة، وجهت مباشرة إلى الأمانة العامة المتشكلة من أساتذة يعينهم الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات بالتنسيق مع مديريات التربية التي تشرع مباشرة بعد وصول الوثائق في إغفال أوراق المترشحين من خلال تمزيق الجزء العلوي الذي يحمل الإسم واللقب ورقم التسجيل والشعبة ومادة الإختبار من كل الأوراق، ولا تبقى إلا الإجابة، ثم يتم ترميز الجزء العلوي المحذوف والجزء السفلي الذي يحمل الإجابة بنفس الرمز أو الرقم، بعدها يعزل الجزء العلوي من الأوراق ويتم الإحتفاظ به جانبا، أما الجزء السفلي من الأوراق الذي يحمل إجابة المترشح فتوضع في أكياس بيضاء مكتوب عليها الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات ، ويحفظ في نفس الأكياس في قاعة يطلق عليها "بنك حفظ الوثائق"، تحت مراقبة مشددة ويمنع على الأساتذة المصححين دخول هذه القاعة، ويطلق على هذه المرحلة "عملية إغفال الوثائق" أو "عملية الترميز" لكي لا يتمكن الأساتذة المصححين من التعرف على صاحب الورقة التي يصححونها. بعد الإنتهاء من عملية ترميز أوراق المترشحين الذي تقوم الأمانة العامة، تقوم الأمانة الرئيسية المتشكلة من أساتذة يختارهم رئيس المركز بعملية تشكيل لجان التصحيح، كل لجنة لها رئيس، ويتم ترتيب الأوراق في قاعة خاصة، ثم تحفظ في قاعة تسمى "بنك حفظ الوثائق"، وعند خروج أو إدخال أو نقل الأوراق يتم ذلك تحت المراقبة. ويمكن أن يصل عدد الأوراق لدى اللجان الكبيرة إلى 240 ورقة ، وهي العملية التي يتم فيها تقسيم أوراق المترشحين إلى مجموعات، كل مجموعة تصححها لجنة معينة، ويمنع على الأساتذة الخروج من قاعات التصحيح المخصصة لهم، أثناء التصحيح، كما يمنع عليهم التنقل بين القاعات، أو نقل أوراق المترشحين، والوحيد الذي يسلم لهم الأوراق لتصحيحها واحدة بواحدة هو رئيس اللجنة، وبعد تصحيحها من طرف أي أستاذ تعاد لرئيس اللجنة شخصيا، ليسلم له ورقة أخرى، في حين يقوم رئيس اللجنة بتقديم الورقة الأولى لمصحح آخر ليعيد تصحيحها للمرة الثانية. يوم الخميس جوان تم استقبال رؤساء اللجان بمركز حسيبة بن بوعلي، ويوم الجمعة تم استقبال الأساتذة المصححين، وضبط الحضور في القائمة الرسمية للأساتذة المصححين المرسلة من طرف الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، شرط أن يكون كل الأساتذة المصحيحين مرفوقين بالإستدعاءات المرسلة لهم من طرف الديوان، والوثائق الثبوتية، وإلا لن يسمح لهم بالدخول ، وفي حالة حدوث غيابات في أوساط الأساتذة المصححين يتم اللجوء إلى الأساتذة الإحتياطيين. التصحيح يبدأ بتعميم الإجابات النموذجية على الأساتذة زيارتنا لمركز تصادفت مع اليوم الأول من التصحيح الذي يخصص لدراسة سلالم التنقيط بالنسبة لكل المواد التي امتحن فيها المترشحون للبكالوريا، ثم دراسة الإجابات النموذجية لكل مواضيع الامتحان في كل المواد، كل لجنة تقوم بهذا العمل، ثم تقوم كل لجنة بتصحيح جماعي لعينة من الأوراق، وعددها 20 ورقة ، بعدها تسلم الأوراق المصححة جماعيا لرئيس لجنة التصحيح، تتم مناقشة تصحيحها، لضبط عملية التصحيح، وإعطاء صورة دقيقة للأساتذة عن الإجابة النموذجية. وفي اليوم الثاني تنطلق عملية التصحيح الرسمية ورقة بورقة، واحدة بواحدة، وفي هذه المرحلة لا تكون عملية التصحيح جماعية، بل فردية كل أستاذ يصحح وحده، ويمنح العلامة لكن العلامة لا تسجل على الورقة حتى لا يطلع عليها الأستاذ الثاني الذي يصحح الورقة بعده بل تصب في جهاز الإعلام الآلي.
إذا فاق الفارق بين تصحيحين 3 نقاط يعاد التصحيح
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
ولما ينتهي الأستاذ الأول من تصحيح الورقة وتصب العلامة في الإعلام الآلي، يقوم الأستاذ بتسليم الورقة لرئيس اللجنة هذا الأخير يسلمها لأستاذ آخر لكي يعيد تصحيحها، ويمنع منعا باتا على أي أستاذ أن يقوم بنفسه بتسليم الورقة للأستاذ الثاني، وذلك لضمان عدم اطلاع المصحح الثاني للورقة على العلامة التي منحها المصحح الأول لهذه الورقة، وبعد أن يصححها الأستاذ الثاني تصب العلامة كذلك في جهاز الإعلام الآلي، ليظهر الجهاز بطريقة آلية الفرق في خال ما إذا كان الفرق بين العلامة الأولى والعلامة الثانية 3 نقاط أو أكثر تسلم الورقة لأستاذ ثاني ليعيد تصحيحها، وإذا كشف جهاز الإعلام الآلي بأن 25 بالمائة من الأوراق أو أكثر فيها فوارق تتجاوز الثلاثة نقاط في علامات التصحيح الأول والتصحيح الثاني يتقرر فورا إلغاء كل تصحيح كل الأوراق بما فيها بقية الأوراق التي ليس فيها فوراق، ويتم إعادة تصحيح جميع الأوراق بما فيها الأوراق التي لم تكن فيها فوراق، ويعاقب الأستاذ الذي تسبب في هذه الفوارق من خلال خصم منحة التصحيح منه، حيث يمكن التعرف عليه آليا بسهولة على جهاز الإعلام الآلي، غير أن تسجيل فوراق تفوق 3 نقاط في 25 بالمائة من الأوراق نادرا ما تحدث. وتهدف كل هذه الإجراءات إلى الصرامة والتشديد في عملية التصحيح خاصة وان الأمر يتعلق بمصير تلاميذ قضوا سنوات وهم يحضرون لهذه الشهادة، وسهروا الليالي. أخذنا رئيس المركز في جولة قصيرة داخل قاعات التصحيح لإطلاع على المراحل التي تمر بها أوراق المترشحين للبكالوريا في قاعات التصحيح، كانت أروقة المركز خالية، كل الأساتذة التحقوا بقاعاتهم ولجانهم، البداية من قاعة تصحيح مادة الفيزياء، ويرأسها الأستاذ بالهادي محمد الشريف، كانت أشبه بقاعة عمليات، أساتذة ملتفين جماعات، جماعات على عينة من أوراق الممتحنين، كانوا يصححونها جماعيا، بعد أن انتهوا من دراسة سلم التنقيط، بدا الأمر وكأننا في قاعة عمليات لتشريح أوراق الممتحنين، ورقة واحدة يصححها، أكثر من ستة أساتذة، ويشرحونها تشريحا، من أجل ضبط الإجابة النموذجية، ثم مقارنة إجابة الأساتذة المصححين بالإجابة النموذجية المعتمدة من طرف الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، كما زرنا لجنة تصحيح االرياضيات بنفس المركز، وجدناها كذلك قد انتهت من دراسة سلم التنقيط ، الذي كتب على السبورة، وشرعوا كذلك في تشريح جماعي لعينة من أوراق المترشحين، لتطبيقه سلم التنقيط على الإجابات النموذجية المأخوذة كعينة. ونحن نجول بين قاعات التصحيح شاهدنا عدة ملصقات معلقة على الجدران كتب عليها "ممنوع الهاتف النقال على مستوى مراكز الإجراء والتصحيح تجنبا لكل اتصال بالخارج" رئيس المركز قال بأن هذا الأمر هام جدا لضمان عدم اتصال الأساتذة المصححين بالخارج وكذا ضمانا للأمن وحتى على رؤساء اللجان ورئيس المركز، ويعمل الأساتذة بهذا الريتم من 7 والنصف صباحا إلى غاية الثانية بعد الزوال، ويتم التكفل بهم من حيث الأكل والشرب، حيث توفر قهوة الصباح والحلويات والمرطبات، والمشروبات. زرنا لجنة تصحيح مادة الفيزياء، كل الأساتذة في أماكنهم، كانوا قد درسوا سلم التنقيط وسجلوه على السبورة، وشرعوا في التشاور حول الإجابة النموذجية ولإبداء ملاحظاتهم بشأنها، بعد ذلك تنطلق عملية التصحيح الجماعي لـ 20 ورقة نموذجية يتم اختيارها عشوائيا من بين أوراق الممتحنين.
الأساتذة يتداولون حول علامات لا يعرفون أصحابها
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
بعد الإنتهاء من التصحيح، وصب كل العلامات في جهاز الإعلام الآلي، تنطلق مرحلة المراقبة الشاملة للتصحيح والعلامات، ويقوم بها كتاب عن الأمانة العامة، وتكون المراقبة على شاشة الكومبيوتر، ثم تطبع قائمة العلامات وتتم مراقبتها مرة ثانية، وفي حالة اكتشاف خطأ ما يتم تصحيحه، ثم تتم مراقبة العلامات مرة ثالثة، ومقارنتها بالعلامات التي تسجل على الأوراق، وإذا وجد كتاب الأمانة خطأ ما يصححونه كذلك، ويعيدون المراقبة من جديد. وهنا يشرع رئيس المركز في تحضير المداولات، حيث يشكل رئيس المركز لجان مداولات تضم بعض الأساتذة المصححين يرأسها رؤساء لجان التصحيح، وفي هذه المرحلة تكون الأوراق ما تزال مغفلة، يعني محذوفة كل الجزء العلوي الذي يتضمن البيانات المتعلقة بشخص المترشح. المداولات ستكون يوم 4 جويلية المقبل، يتم خلالها أخذ قائمة العلامات التي منحت لكل مترشح، وتدرس من طرف الأساتذة المداولين كل أستاذ يقول كلمته، حول صاحب هذه العلامات، الذي يكون مجهولا بالنسبة لهم جميعا لنهم لا يملكون سوى علاماته، وهنا يتقرر مصير التلميذ، إما ناجح وغما راسب، وتستغرق هذه العملية حوالي ستة ساعات، لإكمال كل المترشحين، بعد اختيار الناجحين والراسبين، يتم صب النتائج في جهاز الإعلام الآلي، ليظهر اسم المترشح الناجح والمترشح الفاشل بطريقة آلية، بعدها تتم مراقبة النتائج من طرف رئيس المركز للتأكد من صحتها، ثم يتم إرسالها للمديرية الولائية للتربية التي تحسب عليها مراكز التصحيح التي جرت فيها عملية التصحيح
وقع اختيارنا على مركز حسيبة بن بوعلي بوصفه من أكبر مراكز التصحيح، ولكونه قريب من مقر جريدة "الشروق اليومي" بالقبة، كانت الساعة التاسعة عندما وصلنا إلى المركز، وفور تقدمنا من المركز الذي كان محاطا بمتاريس حديدية أمنية قامت مصالح الأمن بنصبها، ومنعت كل السيارات من التوقف أمام المركز، وجدنا ثلاثة عناصر من الشرطة عند المدخل، كشفنا عن هويتنا، فقادنا أحدهم إلى العون المكلف بالمراقبة، وفي طريقنا إلى عون المراقبة، قال لنا الشرطي "لا أظن بأنهم سيسمحون لكم بالدخول"، قالها وهو شبه متأكد بأنهم لن يسمحوا لنا بالدخول، لأنه لم يسمع بتعليمة وزير التربية الوطنية، وصلنا إلى مركز المراقبة فقام هذا الأخير بإبلاغ رئيس المركز السيد "خيشان بوبكر"، الذي أمر فورا بإدخالنا، حرص على استقبالنا في مكتبه أحسن استقبال، وقدم لنا كل المساعدة.
الأساتذة المتأخرون يطردون من مراكز التصحيح
ونحن مع رئيس المركز وصلت مراسلة من رئيس الخلية المركزية الموجودة بالديوان الوطني للإمتحانات والمسابقات عبارة عن فاكس يتضمن الإجابات النموذجية لمادة الرياضيات موجه لرئيس المركز، فأمر السيد خيشان بتوزيعه على الأساتذة المصححين لكي يبدو آراءهم في الإجابة النموذجية، رئيس المركز فاكس آخر للخلية المركزية يتضمن أراء الأساتذة المصححين في الإجابة النموذجية. وعلمنا فيما بعد أنه لا يسمح بالدخول إلا للصحافة والأساتذة المصححين الذين يظهر إسمهم في القائمة الرسمية للأساتذة المصححين المرسلة للمركز من طرف الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، و حتى الأساتذة المصححين لا يدخلون إلا بعد إظهار الإستدعاءات المرسلة لهم والوثائق الثبوتية، والشارات التي تسلم لهم من طرف مركز التصحيح، ويقدر عدد الأساتذة المصححين للبكالوريا بمركز حسيبة بن بوعلي بـ 495 مصحح. أي مصحح يتأخر عن موعد انطلاق عملية التصحيح صباحا لا يسمح له بالدخول، وكذلك الأمر بالنسبة للكتاب ويمنع على أي أستاذ الخروج من المركز من الساعة والنصف صباحا إلى الثانية بعد الزوال إلا بترخيص من مرئي المركز، ولا يمنح له الترخيص إلا في ظروف قاهرة، وكذلك الأمر بالنسبة لأعضاء الأمانة العامة، وعمال المركز، ويمنع على الأساتذة التنقل بين القاعات، كما أن كل السيارات التي تقصد المركز يتم تفتيشها، والتأكد من هوية الأشخاص الذين يدخلون المركز باستظهار الأمر بالمهمة والشارة ووثائق الهوية زائد الإستدعاء في اليوم الأول من التصحيح، وأي شخص ليس لديه هذه الوثائق يمنع من الدخول، كما يمنع على رئيس المركز وفريقه الخروج من مركز الإمتحان من 7 جوان إلى 7 جويلية المقبل أي بعد ظهور النتائج، فقط أعضاء الأمانة العامة يسمح لهم بالخروج، ودورهم محدود في معالجة أوراق المترشحين. بمجرد أن يسلم التلاميذ أوراق الإجابات تقوم أمانة مركز الإجراء بجمع كل إجابات المترشحين للبكالوريا في مراكز الإجراء، تضعها في أظرفة مشمعة ومختومة، ثم داخل علب ممسكة وتنقل إلى المديرية الولائية للتربية تحت حراسة الأمن الوطني الدرك الوطني وممثلي الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات في سيارة تابعة لمركز الإجراء. المديرية الولائية للتربية بدورها تقوم بإرسال هذه العلب الممسكة في سيارة تابعة لها وتحت حراسة ثلاثية تتشكل من الأمن الوطني والدرك الوطني وممثلي الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، إلى المديرية الولاية التابعة للولاية التي تصحح فيها إجابات المترشحين، وإذا كانت الولاية بعيدة مثلما هو الأمر بالنسبة للولايات الصحراوية كإليزي تنقل إجابات المترشحين عن طرق الطائرة العسكرية وتحت الحراسة الثلاثية كذلك، مثلما هو الشأن بالنسبة للأوراق إليزي وتيزي وزو والمدرسة الدولية بباريس التي تنقل كلها للمديرية التربية بالجزائر العاصمة لأنها تصحح بالجزائر العاصمة ليقوم وفد عن مديرية التربية بالعاصمة مرفوقا بالأمن والدرك بنقلها بنفس الطريقة إلى مراكز التصحيح بالجزائر العاصمة.
ورقة الامتحان تصحح بلا هوية الممتحن
في هذه المرحلة كانت مراكز التصحيح كلها جاهزة لاستقبال أوراق المترشحين، ويوجد على رأس كل مركز رئيس المركز ونائب رئيس المركز وهو مفتش يعينه الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، ونائب ثاني لرئيس المركز وهو مدير المؤسسة التربية التي تتم فيها عملية التصحيح، إضافة إلى مهندس إعلان آلي يتكفل بصب العلامات في جهاز الإعلام الآلي و الأمانة الرئيسية، في 9 جوان يشرع في استقبال أوراق المترشحين بالمركز، غير أن هذه السنة الأوراق وصلت يوم 10 جوان إلى مركز التصحيح بثانوية حسيبة بن بوعلي الكائن بـ "بن عمر" بالجزائر العاصمة والذي أخذناه كعينة لإعداد هذا الروبورتاج لأن الأوراق هذه السنة جيء بها من ولاية إليزي في طائرة عسكرية تحت الحراسة الثلاثية للأمن والدرك وممثلي الديوان،ولم تصل إلى مديرية التربية بالعاصمة إلا يوم 10 جوان وفي نفس اليوم نقلت تحت الحراسة الثلاثية إلى مراكز التصحيح بالجزائر العاصمة. في مركز حسيبة بن بوعلي الذي قصدناه لإعداد هذا الروبورتاج حول المراحل التي تمر بها ورقة المترشح للبكالوريا أثناء عملية التصحيح يضم 27 قاعة تصحيح، موزعة حسب المواد، وصلت أوراق المترشحين إليه على غرار كل المراكز على المستوى الوطني في أظرفة مختومة داخل علب ممسكة، وجهت مباشرة إلى الأمانة العامة المتشكلة من أساتذة يعينهم الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات بالتنسيق مع مديريات التربية التي تشرع مباشرة بعد وصول الوثائق في إغفال أوراق المترشحين من خلال تمزيق الجزء العلوي الذي يحمل الإسم واللقب ورقم التسجيل والشعبة ومادة الإختبار من كل الأوراق، ولا تبقى إلا الإجابة، ثم يتم ترميز الجزء العلوي المحذوف والجزء السفلي الذي يحمل الإجابة بنفس الرمز أو الرقم، بعدها يعزل الجزء العلوي من الأوراق ويتم الإحتفاظ به جانبا، أما الجزء السفلي من الأوراق الذي يحمل إجابة المترشح فتوضع في أكياس بيضاء مكتوب عليها الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات ، ويحفظ في نفس الأكياس في قاعة يطلق عليها "بنك حفظ الوثائق"، تحت مراقبة مشددة ويمنع على الأساتذة المصححين دخول هذه القاعة، ويطلق على هذه المرحلة "عملية إغفال الوثائق" أو "عملية الترميز" لكي لا يتمكن الأساتذة المصححين من التعرف على صاحب الورقة التي يصححونها. بعد الإنتهاء من عملية ترميز أوراق المترشحين الذي تقوم الأمانة العامة، تقوم الأمانة الرئيسية المتشكلة من أساتذة يختارهم رئيس المركز بعملية تشكيل لجان التصحيح، كل لجنة لها رئيس، ويتم ترتيب الأوراق في قاعة خاصة، ثم تحفظ في قاعة تسمى "بنك حفظ الوثائق"، وعند خروج أو إدخال أو نقل الأوراق يتم ذلك تحت المراقبة. ويمكن أن يصل عدد الأوراق لدى اللجان الكبيرة إلى 240 ورقة ، وهي العملية التي يتم فيها تقسيم أوراق المترشحين إلى مجموعات، كل مجموعة تصححها لجنة معينة، ويمنع على الأساتذة الخروج من قاعات التصحيح المخصصة لهم، أثناء التصحيح، كما يمنع عليهم التنقل بين القاعات، أو نقل أوراق المترشحين، والوحيد الذي يسلم لهم الأوراق لتصحيحها واحدة بواحدة هو رئيس اللجنة، وبعد تصحيحها من طرف أي أستاذ تعاد لرئيس اللجنة شخصيا، ليسلم له ورقة أخرى، في حين يقوم رئيس اللجنة بتقديم الورقة الأولى لمصحح آخر ليعيد تصحيحها للمرة الثانية. يوم الخميس جوان تم استقبال رؤساء اللجان بمركز حسيبة بن بوعلي، ويوم الجمعة تم استقبال الأساتذة المصححين، وضبط الحضور في القائمة الرسمية للأساتذة المصححين المرسلة من طرف الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، شرط أن يكون كل الأساتذة المصحيحين مرفوقين بالإستدعاءات المرسلة لهم من طرف الديوان، والوثائق الثبوتية، وإلا لن يسمح لهم بالدخول ، وفي حالة حدوث غيابات في أوساط الأساتذة المصححين يتم اللجوء إلى الأساتذة الإحتياطيين. التصحيح يبدأ بتعميم الإجابات النموذجية على الأساتذة زيارتنا لمركز تصادفت مع اليوم الأول من التصحيح الذي يخصص لدراسة سلالم التنقيط بالنسبة لكل المواد التي امتحن فيها المترشحون للبكالوريا، ثم دراسة الإجابات النموذجية لكل مواضيع الامتحان في كل المواد، كل لجنة تقوم بهذا العمل، ثم تقوم كل لجنة بتصحيح جماعي لعينة من الأوراق، وعددها 20 ورقة ، بعدها تسلم الأوراق المصححة جماعيا لرئيس لجنة التصحيح، تتم مناقشة تصحيحها، لضبط عملية التصحيح، وإعطاء صورة دقيقة للأساتذة عن الإجابة النموذجية. وفي اليوم الثاني تنطلق عملية التصحيح الرسمية ورقة بورقة، واحدة بواحدة، وفي هذه المرحلة لا تكون عملية التصحيح جماعية، بل فردية كل أستاذ يصحح وحده، ويمنح العلامة لكن العلامة لا تسجل على الورقة حتى لا يطلع عليها الأستاذ الثاني الذي يصحح الورقة بعده بل تصب في جهاز الإعلام الآلي.
إذا فاق الفارق بين تصحيحين 3 نقاط يعاد التصحيح
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
ولما ينتهي الأستاذ الأول من تصحيح الورقة وتصب العلامة في الإعلام الآلي، يقوم الأستاذ بتسليم الورقة لرئيس اللجنة هذا الأخير يسلمها لأستاذ آخر لكي يعيد تصحيحها، ويمنع منعا باتا على أي أستاذ أن يقوم بنفسه بتسليم الورقة للأستاذ الثاني، وذلك لضمان عدم اطلاع المصحح الثاني للورقة على العلامة التي منحها المصحح الأول لهذه الورقة، وبعد أن يصححها الأستاذ الثاني تصب العلامة كذلك في جهاز الإعلام الآلي، ليظهر الجهاز بطريقة آلية الفرق في خال ما إذا كان الفرق بين العلامة الأولى والعلامة الثانية 3 نقاط أو أكثر تسلم الورقة لأستاذ ثاني ليعيد تصحيحها، وإذا كشف جهاز الإعلام الآلي بأن 25 بالمائة من الأوراق أو أكثر فيها فوارق تتجاوز الثلاثة نقاط في علامات التصحيح الأول والتصحيح الثاني يتقرر فورا إلغاء كل تصحيح كل الأوراق بما فيها بقية الأوراق التي ليس فيها فوراق، ويتم إعادة تصحيح جميع الأوراق بما فيها الأوراق التي لم تكن فيها فوراق، ويعاقب الأستاذ الذي تسبب في هذه الفوارق من خلال خصم منحة التصحيح منه، حيث يمكن التعرف عليه آليا بسهولة على جهاز الإعلام الآلي، غير أن تسجيل فوراق تفوق 3 نقاط في 25 بالمائة من الأوراق نادرا ما تحدث. وتهدف كل هذه الإجراءات إلى الصرامة والتشديد في عملية التصحيح خاصة وان الأمر يتعلق بمصير تلاميذ قضوا سنوات وهم يحضرون لهذه الشهادة، وسهروا الليالي. أخذنا رئيس المركز في جولة قصيرة داخل قاعات التصحيح لإطلاع على المراحل التي تمر بها أوراق المترشحين للبكالوريا في قاعات التصحيح، كانت أروقة المركز خالية، كل الأساتذة التحقوا بقاعاتهم ولجانهم، البداية من قاعة تصحيح مادة الفيزياء، ويرأسها الأستاذ بالهادي محمد الشريف، كانت أشبه بقاعة عمليات، أساتذة ملتفين جماعات، جماعات على عينة من أوراق الممتحنين، كانوا يصححونها جماعيا، بعد أن انتهوا من دراسة سلم التنقيط، بدا الأمر وكأننا في قاعة عمليات لتشريح أوراق الممتحنين، ورقة واحدة يصححها، أكثر من ستة أساتذة، ويشرحونها تشريحا، من أجل ضبط الإجابة النموذجية، ثم مقارنة إجابة الأساتذة المصححين بالإجابة النموذجية المعتمدة من طرف الديوان الوطني للمسابقات والإمتحانات، كما زرنا لجنة تصحيح االرياضيات بنفس المركز، وجدناها كذلك قد انتهت من دراسة سلم التنقيط ، الذي كتب على السبورة، وشرعوا كذلك في تشريح جماعي لعينة من أوراق المترشحين، لتطبيقه سلم التنقيط على الإجابات النموذجية المأخوذة كعينة. ونحن نجول بين قاعات التصحيح شاهدنا عدة ملصقات معلقة على الجدران كتب عليها "ممنوع الهاتف النقال على مستوى مراكز الإجراء والتصحيح تجنبا لكل اتصال بالخارج" رئيس المركز قال بأن هذا الأمر هام جدا لضمان عدم اتصال الأساتذة المصححين بالخارج وكذا ضمانا للأمن وحتى على رؤساء اللجان ورئيس المركز، ويعمل الأساتذة بهذا الريتم من 7 والنصف صباحا إلى غاية الثانية بعد الزوال، ويتم التكفل بهم من حيث الأكل والشرب، حيث توفر قهوة الصباح والحلويات والمرطبات، والمشروبات. زرنا لجنة تصحيح مادة الفيزياء، كل الأساتذة في أماكنهم، كانوا قد درسوا سلم التنقيط وسجلوه على السبورة، وشرعوا في التشاور حول الإجابة النموذجية ولإبداء ملاحظاتهم بشأنها، بعد ذلك تنطلق عملية التصحيح الجماعي لـ 20 ورقة نموذجية يتم اختيارها عشوائيا من بين أوراق الممتحنين.
الأساتذة يتداولون حول علامات لا يعرفون أصحابها
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
بعد الإنتهاء من التصحيح، وصب كل العلامات في جهاز الإعلام الآلي، تنطلق مرحلة المراقبة الشاملة للتصحيح والعلامات، ويقوم بها كتاب عن الأمانة العامة، وتكون المراقبة على شاشة الكومبيوتر، ثم تطبع قائمة العلامات وتتم مراقبتها مرة ثانية، وفي حالة اكتشاف خطأ ما يتم تصحيحه، ثم تتم مراقبة العلامات مرة ثالثة، ومقارنتها بالعلامات التي تسجل على الأوراق، وإذا وجد كتاب الأمانة خطأ ما يصححونه كذلك، ويعيدون المراقبة من جديد. وهنا يشرع رئيس المركز في تحضير المداولات، حيث يشكل رئيس المركز لجان مداولات تضم بعض الأساتذة المصححين يرأسها رؤساء لجان التصحيح، وفي هذه المرحلة تكون الأوراق ما تزال مغفلة، يعني محذوفة كل الجزء العلوي الذي يتضمن البيانات المتعلقة بشخص المترشح. المداولات ستكون يوم 4 جويلية المقبل، يتم خلالها أخذ قائمة العلامات التي منحت لكل مترشح، وتدرس من طرف الأساتذة المداولين كل أستاذ يقول كلمته، حول صاحب هذه العلامات، الذي يكون مجهولا بالنسبة لهم جميعا لنهم لا يملكون سوى علاماته، وهنا يتقرر مصير التلميذ، إما ناجح وغما راسب، وتستغرق هذه العملية حوالي ستة ساعات، لإكمال كل المترشحين، بعد اختيار الناجحين والراسبين، يتم صب النتائج في جهاز الإعلام الآلي، ليظهر اسم المترشح الناجح والمترشح الفاشل بطريقة آلية، بعدها تتم مراقبة النتائج من طرف رئيس المركز للتأكد من صحتها، ثم يتم إرسالها للمديرية الولائية للتربية التي تحسب عليها مراكز التصحيح التي جرت فيها عملية التصحيح
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى